الأمير الحسن: التحديات العالمية تحتاج إلى طرق جديدة في التفكير

قال سمو الأمير الحسن بن طلال إن العالم يحتاج إلى طرق جديدة في التفكير حول التحديات التي يواجهها حالياً، وأن ثمة حاجة إلى تطوير قِيَمِ جديدة تستند إلى نهج علمي يقوم على التواصل والترابط بين مختلف الأنظمة المعرفية؛ مذكّراً أن العام الحالي يشهد الذكرى الستين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
وأكد سموه خلال مشاركته، عبر كلمة رئيسية متلفزة، في افتتاح مؤتمر "العلم، التقنية والابتكار من أجل التنمية المستدامة في العالم الإسلامي" الذي بدأت أعماله اليوم (الاثنين 25 آب 2008) في جمهورية تتارستان بتنظيم من أكاديمية العالم الإسلامي للعلوم، أنه عند الحديث عن القواسم العالمية فإن قضايا الأمن الإنساني مثل النمو السكاني والفقر والغذاء والمصادر والبيئة والهجرة والطاقة والسلام هي قضايا من الصعب، بدون فهم ثقافي، ترجمتها واقعياً في علاقة الاستقلال المتكافل بين الأقاليم التي يجب تمثيلها بشكل صحيح من خلال مجلس اقتصادي-اجتماعي وداخل هيئة الأمم المتّحدة.
وأشار سموه إلى أن التحالف من أجل القواسم العالمية هو حركة بدأت في برلين العام الحالي، برؤية ذات نهج متداخل إقليمياً يسعى إلى تأسيس أرضية صلبة نحو مؤتمرات المواطنين؛ متمنياً أن تأتي اللحظة التي لا تقتصر فيها الحوارات على النخب، أو الأقليات الذكية، وإنما يتم تطويرها من خلال المعرفة الجمعية والحكمة الجمعية.
وفي هذا السياق، قال الأمير الحسن إن القواسم العالمية تشير إلى الذكاء الجمعي وليس إلى الذكاء الطبيعي أو الممنوح، وإنه من الضروري لإقليمنا، أي إقليم غرب آسيا، والأقاليم المجاورة، جنوب آسيا وجنوب شرق آسيا، تطوير استجابة آسيوية للتطور النظامي الشامل للعلم والتقنية من جهة، وللبحوث والتنمية من جهة أخرى.
وأضاف سموه أن التعليم من أجل الحياة هو استجابة حيوية وضرورية في مقابل التعليم من أجل الوظيفة؛ مؤكداً في هذا السياق أهمية التفكير عبر القطري، أي بمعنى آخر التعليم المتناظر، حيث يتموضع الأغنياء أنفسهم في حياة الفقراء، وحيث يتم التفكير في ما يتعلق بالمصادر المجاورة ضمن سياق دعوة إقليمية لإنشاء منظمة للمياه والطاقة في سبيل خير البيئة الإنسانية؛ مشيراً إلى تجربة أوروبا بعد الحربين العالميتين المدمّرتين في جمعية الفحم والفولاذ.
وأكد الأمير الحسن أهمية جعل القانون يعمل من أجل الجميع، وبالأخص تمكين الفقراء. إذ من المهم التأكيد على أن التمكين القانوني يعني استئصال الأميّة القانونية من أجل حماية الفقراء وجعلهم قادرين على تعزيز مصالحهم كمواطنين، فالمواطنة لا تتقدم بين ليلة وضحاها.
وأضاف سموه أنه من الضروري تطوير المواهب فيما يتعدى البحث عن التنمية المستدامة. فالمنطقة العربية تمثّل نسبة مئوية مهمة تصل إلى سبعين بالمائة فيما يتعلق بالتعليم في كليّات الجامعات الأمريكية؛ مشيراً إلى أن استنزاف العقول لا يزال مستمراً، ولكن من ناحية أخرى فإن أهمية التواصل البيني تؤكدها حقيقة أنّه على الرغم من أننا نستخدم شبكة الإنترنت للاتّصال بالعالم الخارجي، إلا أننا في الوقت نفسه لا نعرف ماذا يفعل جيراننا.
وقال سموه إننا نسعى إلى العلم ليس بوصفه امتيازاً يقدمه الغني إلى الفقير وإنما بوصفه شراكة في تطوير مصادرنا، وعلى أمل المشاركة في سيرورة القواسم العالمية في عام 2012 ضمن سياق الإجابة الواضحة لتحديد مكامن الفشل والنجاح في هذا المجال؛ مؤكداً أنه فقط عن طريق هذا الحوار الموسّع، والترويج لفن الإصغاء النبيل، يمكننا أن نتغلّب على المجابهة الهشّة بين الثقافات، حيث يدور الحديث عن الإسلام والغرب أو الإسلام في مقابل الآخرين.
وشدد الأمير الحسن على أنه من ناحية نظرتنا الإنسانية الإسلامية من الضروري تطوير "ديمقراطية الفاعلين" والانتقال من ذكاء البعض إلى ذكاء المجموعة. كما أنه من الضروري، في هذا السياق، تطوير ذكاء جمعي في مختلف الأنظمة المعرفية والثقافية والعلمية والاجتماعية وغيرها. ولا بدّ أيضاً من سدّ الفجوة في الكرامة الإنسانية، والتعامل مع الاقتصاد، ليس فقط بوصفه استثماراً، وإنما من خلال تطوير الإمكانيات العامة للمشاركة الاقتصادية من قبل الأجيال القادمة، وكذلك التعامل مع الثقافة في سياق القانون العادل.
وقال سموه إنه آن الأوان للالتزام بالمعايير الدولية للتفويض ونشر المعرفة ضمن سياق عالم مترابط، وإنه آن الأوان أيضاً لكي نربط أهدافنا المشتركة في الترويج للعلم بوصفه نموذجاً فاعلاً في سبيل التقدّم الإنساني.