مشروع أردني لاعادة حالة الطريق لباب المغاربة الى ما كانت عليه

عمان- فيصل ملكاوي - يرفض الاردن بشدة مشاركة اسرائيل بأي مشروع حول باب المغاربة في مدينة القدس الشريف حفاظا على هوية المدينة ومنع المحاولات الاسرائيلية المتواصلة لاجراء انتهاكات على كل المستويات بقصد تغيير واقع هذه المدينة وتهويدها .
قضية القدس تقع على راس اجندة الدبلوماسية الاردنية باعتبارها عاصمة الدولة الفلسطينية المستقلة التي يبذل جلالة الملك عبدالله الثاني كافة الجهود على كل الصعد لاجل هذه الغاية التي تشكل مصلحة استراتيجية اردنية.
كما تعد المدينة المقدسة لب قضايا الوضع النهائي وهي مدينة محتلة وفق كافة قرارات الشرعية الدولية منذ العام 1967 وتسري عليها كافة القوانين الدولية ذات الصلة والتي تحرم وترفض تصرف الاحتلال فيها او تغيير أي معالم باي اتجاه حتى عودة الحق لاصحابه الشرعيين.
وفوق ذلك واستنادا لكل الجهود باتجاه الحفاظ على مدينة القدس فقد ثبت الاردن نصا في معاهدة السلام مع اسرائيل وهو البند التاسع ينص على دور اردني خاص في الاماكن الاسلامية في القدس المحتلة اضافة الى ان الاردن هو المسؤول على الاشراف على الاوقاف والمقدسات الاسلامية في المدنية المقدسة منذ عقود. عندما بدأت سلطات الاحتلال الاسرائيلي اعمال حفريات في منطقة باب المغاربة وشروعها في اقامة جسر بديل الى باب المغاربة تنبه الاردن لخطورة هذه الخطوة كواحدة من الانتهاكات الاسرائيلية في القدس لاسيما المسجد الاقصى الذي يعد باب المغاربة من اهم بواباته التسعة. الاردن في اطار سعيه المكثف لمواجهة هذا الانتهاك الخطير قدم مشروعا انذاك الى لجنة التراث العالمي التابعة الى منظمة الامم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم اليونسكو يهدف الى المحافظة على الحرم القدسي الشريف وعلى التراث الاسلامي في القدس المحتلة، بما يتفق مع ركائز واسس التراث العالمي ويقع ضمن مواصفاته العالمية وذلك عبر اعادة حالة الطريق لباب المغاربة الى ما كانت عليه سابقا باستخدام مواد بسيطة تحقق هذه الغاية. الموقف الاردني يصر على مشروعه ويرفض اشراك سلطات الاحتلال الاسرائيلية باي مسؤولية عن المسجد الاقصى او تنفيذ أي مشاريع مشتركة معها، استنادا على اسس قانونية ودولية واممية تعبر بكل وضوح ان مدينة القدس تقع تحت الاحتلال الاسرائيلي بعد عدوان 1967. المشروع الاسرائيلي بخصوص باب المغاربة يشكل انتهاكا لتلك الاسس واعتداء جديدا على واقع المدينة المقدسة ولايتفق مع اصالة الموقع جوهر ذلك المشروع بناء جسر حديدي عند باب المغاربة بدلا من الطريق الاثري الاصيل الذي هدم جراء قيام سلطات الاحتلال بالحفريات في تلك المنطقة منافية لكل الاسس والقرارات والشرائع بهذا الخصوص .
وكانت منظمة اليونسكو الى جانب كل القرارات الدولية المتعلقة بمدينة القدس المحتلة ادرجت المدينة عام 1982 ضمن قائمة المدن الاثرية المهددة بالخطر جراء الانتهاكات والاعتداءات الاسرائيلية عليها في ظل احتلاها لها . وتشدد مختلف الاوساط على الموقف الاردني المشرف ازاء مدينة القدس على الصعد المختلفة، داعية الى موقف عربي واسلامي ودولي مساند يقف في وجه الخروقات والانتهاكات الاسرائيلية في المدينة المحتلة. وترى المصادر ان ذات الموقف الرافض لاشراك اسرائيل باي مشاريع بخصوص باب المغاربة هي خطوة اردنية تقطع الطريق على المطامع الاسرائيلية في التدخل في شؤون المسجد الاقصى ومواصلة سياستها العدوانية في هذا الاتجاه .
ولالقاء مزيد من الضوء على قضية باب المغاربة واهمية الموقف الاردني الرافض للمشاريع الاسرائيلية في هذا الاطار تبرز الراي حقائق تاريخية عن هذا البعد.
باب المغاربة جزء
من المسجد الأقصى
يوجد باب المغاربة في الجدار الغربي للمسجد الأقصى المبارك، ويوصل إليه بطريق صاعدة أقيمت فوق تلة ترابية ترتفع حتى تلاصق جدار الأقصى، ولذا فإن هذا الطريق وهذه التلة تعتبران جزءا لا يتجزأ من الأقصى المبارك.
ويستخدم الطريق ممرا إلى الأقصى للمصلين القادمين من باب المغاربة الآخر على سور المدينة، أو من داخل البلدة القديمة ذاتها. وقد سمي البابان (باب المغاربة في جدار الأقصى، وباب المغاربة في سور القدس) بهذا الاسم نسبة إلى المنطقة التي يقعان فيها والتي عرفت على مر التاريخ بحي المغاربة حيث رابط المغاربة الذين قدموا القدس منذ الفتح الصلاحي عام 1187م - 583هـ.
ادعاء اسرائيل باطل غير أن اسرائيل، ومنذ احتلالها القدس عام 1967م، استولوا على حي المغاربة، خاصة وأنه يشرف على حائط البراق الشهير في المسجد الأقصى المبارك، والذي يدعون أنه جزء من الجدار الغربي لمعبدهم -هيكلهم المزعوم- ومن ثم دمروا المنطقة تماما، وسووها بالأرض، وحولوها إلى ساحة باسم ساحة المبكى، في إطار سعيهم لتهويد محيط المسجد الأقصى المبارك، وتغيير المعالم الإسلامية في القدس والأقصى.
وكما منعوا المسلمين منذ ذلك الحين من الوصول إلى حائطهم العزيز، منعوهم من استخدام باب المغاربة، حيث صادر الصهاينة مفاتيح هذا الباب التاريخي الذي يجاور موضع الصلاة الرئيسي في المسجد الأقصى المبارك منذ بدء الاحتلال، وباتوا يستخدمونه فقط لإدخال اليهود والسياح.
وتأتي مساعي هدم طريق باب المغاربة ضمن مخططات صهيونية لإحداث توسعة وصفت بأنها الأكبر لساحة البراق الملاصقة للمسجد الأقصى المبارك، وتشمل بناء جسر بديل في هذه الساحة يقود إلى باب المغاربة، ومنه إلى الأقصى، حتى يمكن لشرطة الاحتلال اقتحامه في أي وقت وبسهولة.
يذكر أن من بين المخططات الصهيونية الكثيرة التي وضعت لهدم الأقصى وبناء الهيكل، فكرة بناء الهيكل المزعوم إلى جوار المسجد الأقصى في أربعة أماكن، من بينها ساحة البراق الملاصقة لحائط البراق، حيث يخططون لرفع الهيكل على أعمدة ضخمة بحيث يكون أعلى من قبة الصخرة المشرفة (في قلب المسجد الأقصى المبارك) وأضخم منها، على أن يتم وصله بالمسجد عن طريق أنفاق وجسور! .
باب المغاربة
هو أحد بوابات القدس
سمي بباب المغاربة نظرا لأن القادمين من المغرب كانوا يعبرون منه لزيارة المسجد الأقصى.
وقد عرف هذا الباب أيضاً باسم باب حارة المغاربة، وباب البراق، وباب النبي . هذا وقد أعيد البناء الحالي لهذا الباب في الفترة المملوكية، في عهد السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون في سنة 713 هجرية/ 1313 ميلادية.
باب المغاربة هو اقرب الأبواب إلى حائط البراق، كان في البداية باب صغير ثم تم توسيعه. حينما سئِل صلاح الدين من قبل حاشيته عن سبب إسكان المغاربة بهذه المنطقة، أي عند السور الغربي للمسجد الأقصى، وهي منطقة سهلية يمكن أن يعود منها الصليبيون مجددًا، كون الجهات الثلاث الأخرى بقوله: أسكنت هناك من يثبتون في البر، ويبطشون في البحر، من أستأمنهم على هذا المسجد العظيم، وهذه المدينة.
والباب هو جزء من حارة المغاربة، وهي من أشهر الحارات الموجودة في البلدة القديمة بالقدس، ويرجع جزء من شهرة الحارة إلى إقدام إسرائيل على تسويتها بالأرض بعيد احتلال القدس عام 1967م، حيث حوَّلتها إلى ساحة سمتها ساحة المبكى لخدمة الحجاج والمصلين اليهود عند حائط البراق. ويتدفق من باب المغاربة 7% من ساكني القدس المسلمين للصلاة في المسجد الأقصى. وشرعت إسرائيل منذ الثلاثاء 6-2-2007 في هدم الطريق المؤدي لهذا الباب، وهو ما تسبب في وقوع مواجهات بين الفلسطينيين وجنود الاحتلال الإسرائيلي، أسفرت عن سقوط عشرات الجرحى من الفلسطينيين.
كل ما سبق يبرز هوية المكان العربية والاسلامية وان باب المغاربة جزء من المسجد الاقصى وان تركيز سلطات الاحتلال على الاعتداء عليه هي خطوة من ضمن خطوات كثيرة من الانتهكات والاعتداءات الاسرائيلية الواسعة النطاق لتهويد المدنية المقدسة والسيطرة عليها .
وهنا تكمن الاهمية ايضا لابراز سلسلة من الإعتداء على المقدسات الدينية وانتهاك حرية العبادة وحق ممارسة الشعائر الدينية في القدس الشريف وهي كثيرة حتى لو تم حصرها في فترة عدة ا شهر من فترة احتلال بلغت حتى الان نحو اربعة عقود .
في هذا الاطار تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي انتهاك حرمة المقدسات الدينية في القدس، وفي المناطق الفلسطينية المحتلة الأخرى، حيث تعتدي على المقدسات وعلى المصلين المسلمين والمسيحيين، وتنتهك حرية العبادة وتمنع المسلمين والمسيحيين من الوصول إلى الأماكن المقدسة وأداء الصلاة فيها، الأمر الذي يشكل انتهاكا خطيراً لحرية العبادة وحق ممارسة الشعائر الدينية التي كفلتها كافة الشرائع والمواثيق الدولية، وخاصة الشرعة الدولية لحقوق الإنسان.
ويتناقض مع المادة (53) من بروتوكول جنيف الأول لعام 1977 التي حظرت الأعمال العدائية الموجهة ضد أماكن العبادة التي تشكل التراث الثقافي والروحي للشعوب وقد اعتبرت المادة ( فقرة ب من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998 تعمد توجيه هجمات ضد المباني المخصصة للأغراض الدينية من قبل جرائم الحرب.
الانتهاكات الاسرائيلية
وعلى سبيل المثال لا الحصر يمكن قراءة أبرز الانتهاكات الاسرائيلة في المدينة المقدسة خلال شهور كانون الثاني وشباط واذار من العام 2007:
1. حفر نفق خطير جداً تحت أساسات أسوار المسجد الأقصى، يهددها بالانهيار، حيث بدأت عمليات الحفر من شارع الواد وامتدت باتجاه باب السلسلة وصولا إلى أبواب المسجد الأقصى، ويتجاوز عمقها 25 متراً تحت الأرض وبعرض يتجاوز 30 متراً، وبطول لا يقل عن 40 مترا باتجاه باب المطهرة، أحد أبواب المسجد الأقصى المبارك.
2. الشروع في بناء كنيس يهودي في منطقة حمام العين أقصى شارع الواد في القدس القديمة، على بعد خمسين متراً فقط عن المسجد الأقصى المبارك، هذه الحفريات الواسعة تجريها جمعية عطيرات كوهانيم اليهودية بواسطة سلطة الآثار الإسرائيلية، وبدعم كامل من الحكومة الإسرائيلية.
3. جرافات سلطات الاحتلال الإسرائيلية تواصل القيام بحملة الحفريات في ساحة البراق في الحرم القدسي الشريف وعلى مساحة واسعة، حيث شملت إزالة وهدم أبنية عربية وإسلامية قديمة وتفريغ مئات أكواب التراب بواسطة جرافات وشاحنات كبيرة على مدار أسابيع.
4. تقديم سماحة الدكتور الشيخ تيسير رجب التميمي قاضي قضاة فلسطين إلى محكمة الصلح الإسرائيلية في المسكوبة في القدس المحتلة، بتهمة التحريض ضد الاحتلال الإسرائيلي ودخول مدينة القدس للصلاة في المسجد الأقصى المبارك بدون تصريح من سلطات الاحتلال.
5. قوات الاحتلال تقتحم الاحتفال الذي نظمته دار القرآن الكريم في ملعب مدرسة دار الأيتام الإسلامية في حي الثوري بالقدس المحتلة، والذي أقيم تكريما لحجاج بيت الله الحرام، لتوزيع الجوائز على المتسابقين في مسابقة الفرسان لحفظة القرآن الكريم.
6. شركات إسرائيلية تقوم بتسويق زجاجات خمر تحمل صورة قبة الصخرة المشرفة ومدينة القدس،الأمر الذي أثار حفظية المسلمين.
7. الكشف عن حفريات جارية على عمق عشرة أمتار تحت الأرض في منطقة سلوان، المكان الذي تطلق عليه إسرائيل مدينة داود ومتجهة شمالا نحو الحرم القدسي الشريف باتجاه حائط البراق وقرب أسوار الحرم القدسي.
أبرز الانتهاكات خلال شهر شباط 2007 :
1- قوات الاحتلال تفرض قيوداً مشددة على دخول المصلين إلى الحرم القدسي الشريف لمنع القيام بأعمال احتجاج على الحفريات الإسرائيلية في باب المغاربة . حيث لم تسمح الشرطة للمصليين الذين هم دون سن 45 عاما بدخول المسجد الأقصى ليوم الجمعة للصلاة فيه، لمنع أعمال احتجاج على الحفريات الاسرائيلية في باب المغاربة.
2- قوات الاحتلال الإسرائيلي تحول مدينة القدس إلى ثكنة عسكرية، وتفرض إجراءات عسكرية وأمنية مُشددة داخل البلدة القديمة وفي محيط المسجد الأقصى المبارك على طول شارع الواد وسوق القطانين، وتغلق العديد من الطرقات والشوارع الرئيسة في القدس لوقف تدفق المواطنين إلى بوابات البلدة القديمة خلال توجههم إلى الأقصى المبارك.
3- جرافات الاحتلال، تشرع بهدم أجزاء من التلة التاريخية في باب المغاربة، إحدى بوابات المسجد الأقصى المبارك، وسط إجراءات عسكرية مشددة وغير مسبوقة.
4- قوات الإحتلال تغلق حاجز قلنديا العسكري الرئيس في شمال القدس، وتطلق قنابل صوتية حارقة وأخرى غازية سامة مسيلة للدموع لتفريق جموع المواطنين، الذين حاولوا دخول المعبر والتوجه إلى مدينة القدس لأداء الصلاة في المسجد الأقصى.
5- الشرطة الإسرائيلية تعتقل ما يقارب 179 فلسطينياً من سكان القدس بتهمة المشاركة في الأعمال الاحتجاجية ، وتفرج عن مجموعة من الأطفال دون سن العاشرة بعد التنكيل بهم واعتقالهم في ساعات الفجر الأولى وتجبر ذويهم على التوقيع على كفالات مالية بآلاف الشواقل في حال حاولوا الدخول إلى المسجد الأقصى المبارك ،و قد ارتفع عدد الذين منعتهم السلطات الإسرائيلية من الدخول إلى المسجد الأقصى إلى 420 مواطناً فلسطينياً.
6- سلطات الاحتلال تخفي اكتشاف غرفة مصلى من الفترة الأيوبية أثناء انهيار تلة باب المغاربة في 2004.
7- تعلن جمعية الأقصى لرعاية الأوقاف والمقدسات الإسلامية، عن مخطط إسرائيلي لبناء كنيس على أنقاض المحكمة الشرعية الإسلامية بالقرب من باب القطانين في القدس، بدعم من جهات يهودية متطرفة.
أبرز الانتهاكات خلال شهر آذار 2007:
1- أعمال الحفر والهدم الإسرائيلية لتلة باب المغاربة إحدى بوابات المسجد الأقصى متواصلة للأسبوع الرابع على التوالي ، ولا تزال سلطات الاحتلال تفرض قيودا مشددة على دخول مدينة القدس ولا سيّما إلى البلدة القديمة ومنطقة باب المغاربة.
2- مجموعة من المتطرفين اليهود، تقوم باقتحام المسجد الأقصى المبارك من جهة باب الأسباط، تحت حماية وحراسة سلطات الاحتلال.
أبرز الانتهاكات خلال شهر نيسان 2007 :
1- جماعات يهودية تهدد باقتحام المسجد الأقصى يوم الاثنين 2\4\2007 لتقديم قرابين الفصح العبري داخل المسجد .
2- الشرطة الإسرائيلية تتخذ إجراءات خاصة في كنيسة القيامة بمناسبة الاحتفالات بسبت النور لدى الطوائف المسيحية، لمنع دخول المسيحيين من الضفة الغربية إلى مدينة القدس وكنيسة القيامة باستثناء من كان يحمل منهم تصريحا خاصا.