- في الوقت الذي ينشغل فيه الشارع الأردني بالشكوى من ارتفاع الأسعار
وتآكل قدراتهم الشرائية، تطالب مجموعة من طلبة إحدى الجامعات الأردنية
الخاصة إدارتها برفع الرسوم المالية المقررة عليهم بهدف "تنظيف الجامعة"
-كما يقولون- من الفقراء، وإبقائها حكرا على الأغنياء فقط!.
وحسب
معلومات حصلت عليها سرايا فإن مجموعة من طلبة الجامعة الخاصة المشار إليها
رفعوا مذكرة رسمية إلى إدارتهم يطالبون فيها برفع الرسوم الجامعية من أجل
الحد من قدرة بعض الفقراء على التسلل إليها، أو الاستمرار بالدراسة فيها،
والمحافظة على هويتها البرجوازية.
والجامعة
التي يدرس فيها الطلبة هي واحدة من أشهر الجامعات في الأردن، كما أن
رسومها الدراسية هي الأعلى على الإطلاق مقارنة ببقية الجامعات الخاصة في
المملكة؛ إذ يتجاوز متوسط ما يدفعه طلبتها 5 آلاف دولار سنويا، وهي جامعة
من المعروف أنها تستهوي طلبة الطبقات الغنية والبرجوازية وأبناء الذوات.
و
قالت صحيفة محلية أردنية إن نبأ المذكرة انتشر بين طلاب الجامعة "كالنار
في الهشيم"، الأمر الذي خلق أجواء توتر، ودفع الطلاب الفقراء إلى التعبير
عن استيائهم "من التحولات الاجتماعية التي بدأت بالبروز بصورة واضحة في
المجتمع".
ووصف
ناشط طلابي بارز في الأردن هذه المذكرة بأنها "تعبير عن الهوة الكبيرة
التي تقسم بين الطبقتين الغنية والفقيرة في الأردن، حيث بدأت الطبقة
المتوسطة تتقلص لصالح التقسيم العنيف بين طبقة فقيرة ومعدمة، وبين طبقة
غنية وبرجوازية".
وقال
الناشط الطلابي الناطق باسم حملة "ذبحتونا" الدكتور فاخر دعاس : إن "أصحاب
رأس المال وأبناء الطبقة الغنية بدءوا يفرضون إرادتهم على السياسات
الاقتصادية بمجملها، وعلى قراراتها السياسية بدلالة تخفيض ضريبة الدخل
مؤخرا، وهي التي يدفعها الأغنياء، ورفع ضريبة المبيعات التي يدفعها
الجميع، ويتأثر بها أكثر الفقراء".
ويؤكد
دعاس أن "الرسوم الجامعية عموما بشكلها الحالي، بما فيها رسوم الجامعات
الحكومية، هي رسوم عالية جدا مقارنة بدخل المواطن العادي في الأردن"،
ويضيف: "كنت أتمنى من الطلبة أصحاب المذكرة أن يطالبوا إدارتهم بتحسين
مستوى التعليم في الجامعة والإنفاق على عمليات البحث العلمي بدلا من
المطالبة برفع الرسوم المالية".
وكشف
دعاس عن أن الجامعة التي يطالب بعض طلبتها بإبقائها حكرا على الأغنياء
تلقت قبل أيام قليلة عدة إنذارات بسبب تدني المستويات الأكاديمية في عدد
من تخصصاتها التي تعاني نقصا في الأساتذة ونقصا في الأبحاث العلمية.
وقال: "هذه الجامعات تحقق أرباحا مالية هائلة، ويُفترض أن تنفق جزءا من أرباحها على مجالات البحث العلمي وابتعاث الطلبة".
ويوجد
في الأردن 19 جامعة خاصة تستقطب آلاف الطلبة الأردنيين والعرب والأجانب،
وتتقاضى رسوما مالية مرتفعة، لكن أوساطا طلابية تقول: إن الارتفاعات
المتكررة في رسوم الجامعات الحكومية جعلت الفارق بسيطا بين الطرفين.
ويعاني
الأردن من ارتفاع متواصل في معدلات الفقر، فحسب آخر الإحصاءات الرسمية
الصادرة عن وزارة التخطيط والتعاون الدولي في نهاية العام 2007، يوجد في
الأردن 880 ألف مواطن يعيشون تحت خط الفقر، وتصل نسبة الفقر في بعض
التجمعات السكانية إلى 80%.
كما
أن الحكومة تصنف 41 منطقة رسميا كجيوب للفقر، وتقول: إن 14% من إجمالي
السكان في المملكة يعانون نقصا شديدا في الإمكانيات، واحتياجات الحياة
الأساسية.